الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الناسخ والمنسوخ
.مُقَدّمَة الْمُؤلف: قَالَ الْمُؤلف الشَّيْخ أَبُو الْقَاسِم هبة الله بن سَلامَة بن نصر الْمُفَسّر الْمقري رَحمَه الله بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم الْحَمد لله رب الْعَالمين وَصلى الله على سيدنَا مُحَمَّد خَاتم النَّبِيين وعَلى آله وَصَحبه أَجْمَعِينَ الْحَمد لله الَّذِي هدَانَا لدينِهِ وَجَعَلنَا من أَهله وفضلنا بِمَا علمنَا من تَنْزِيله وشرفنا بِمُحَمد نبيه وَرَسُوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وعَلى آله وَأنزل عَلَيْهِ كِتَابه الَّذِي لَم يَجعَل لَهُ عوجا وَجعله قيمًا لِيُنذِرَ بَأساً شَديداً مِن لَدنه {لَا يَأتيهِ الباطِلُ مِن بَينِ يَدَيهِ وَلا مِن خَلفِهِ تَنزيلٌ مِن حَكيمٍ حَميدٍ} بَين فِيهِ الْحَلَال وَالْحرَام وَالْحُدُود وَالْأَحْكَام والمقدم والمؤخر وَالْمُطلق والمقيد والأقسام والأمثال والمجمل والمفصل وَالْخَاص وَالْعَام والناسخ والمنسوخ {لِيَهلِكَ مَن هَلَكَ عَن بيِّنَةٍ وَيحيى مِن حَيَّ عَن بَيِّنَةٍ وَإِنَّ اللَهَ لَسَميعٌ عَليم}. فَأول مَا يَنْبَغِي لم أَرَادَ أَن يعلم شَيْئا من علم هَذَا الْكتاب أَلا يدأب نَفسه إِلَّا فِي علم النَّاسِخ والمنسوخ اتبَاعا لما جَاءَ عَن أَئِمَّة السّلف رَضِي الله عَنْهُم لِأَن كل من تكلم فِي شَيْء من علم هَذَا الْكتاب وَلم يعلم النَّاسِخ من الْمَنْسُوخ كَانَ نَاقِصا وَقد رُوِيَ عَن أَمِير الْمُؤمنِينَ عَليّ بن أبي طَالب كرم الله وَجهه أَنه دخل يَوْمًا مَسْجِد الْجَامِع بِالْكُوفَةِ فَرَأى فِيهِ رجلا يعرف بِعَبْد الرَّحْمَن بن دَاب وَكَانَ صاحبا لأبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ وَقد تحلق النَّاس عَلَيْهِ يسألونه وَهُوَ يخلط الْأَمر بِالنَّهْي وَالْإِبَاحَة بالحظر فَقَالَ لَهُ عَليّ رضي الله عَنهُ أتعرف النَّاسِخ من الْمَنْسُوخ قَالَ لَا قَالَ هَلَكت وأهلكت فَقَالَ أَبُو من أَنْت قَالَ أَبُو يحيى فَقَالَ أَنْت أَبُو اعرفوني وَأخذ بأذنه ففتلها وَقَالَ لَا تقص فِي مَسْجِدنَا بعد. ويروى فِي معنى هَذَا الحَدِيث عَن عبد الله بن عمر وَعبد الله بن عَبَّاس أَنَّهُمَا قَالَا لرجل آخر مثل قَول أَمِير الْمُؤمنِينَ عَليّ كرم الله وَجهه أَو قَرِيبا مِنْهُ. وَقَالَ حُذَيْفَة بن الْيَمَان لَا يقص على النَّاس إِلَّا أحد ثَلَاثَة أَمِير أَو مَأْمُور أَو رجل يعرف النَّاسِخ والمنسوخ وَالرَّابِع متكلف أَحمَق. وَهَذَا هُوَ الصَّحِيح لِأَنَّهُ يخلط الْأَمر بِالنَّهْي والإباحة بالحظر. قَالَ الشَّيْخ هبة الله أبو القاسم رَحمَه الله وَلما رَأَيْت الْمُفَسّرين قد سلكوا طَرِيق هَذَا الْعلم وَلم يَأْتُوا مِنْهُ وَجه الْحِفْظ وخلطوا بعضه بِبَعْض ألفت فِي ذَلِك كتابا أَي هَذَا الْكتاب يقرب على من أحب تَعْلِيمه وتذكارا لمن علمه وَمَا توفيقي إِلَّا بِاللَّه عَلَيْهِ توكلت وَإِلَيْهِ أنيب. .بَاب فِي النَّاسِخ والمنسوخ: وروى عَن عبد الله بن مَسْعُود قَالَ «أَقْرَأَنِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم آيَة أَو قَالَ سُورَة فحفظتها وكتبتها فِي مصحفي فَلَمَّا كَانَ اللَّيْل رجعت إلى مضجعي فَلم أرجع مِنْهَا إلى شَيْء فَغَدَوْت إلى مصحفي فَإِذا الورقة بَيْضَاء فَأخْبرت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ يَا ابْن مَسْعُود تِلْكَ رفعت البارحة». وَأما مَا نسخ خطه وَبَقِي حكمه فَمثل مَا رُوِيَ عَن عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ أَنه قَالَ لَوْلَا أَن أخْشَى أَن يَقُول النَّاس قد زَاد عمر فِي الْقُرْآن مَا لَيْسَ فِيهِ لكتبت آيَة الرَّجْم وأثبتها فِي الْمُصحف وَوَاللَّه لقد قرأناها على عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَا ترغبوا عَن آبائكم فَإِن ذَلِك كفر بكم الشَّيْخ وَالشَّيْخَة إِذا زَنَيَا فَارْجُمُوهُمَا أَلْبَتَّة نكالا من الله وَالله عَزِيز حَكِيم. فَهَذَا مَنْسُوخ الْخط ثَابت الحكم. وَأما مَا نسخ حكمه وَبَقِي خطه فَهُوَ فِي ثَلَاث وَسِتِّينَ سُورَة مثل الصَّلَاة إِلَى بَيت الْمُقَدّس وَالصِّيَام الأول والصفح عَن الْمُشْركين والإعراض عَن الْجَاهِلين. قَالَ الشَّيْخ أَبُو الْقَاسِم هبة الله: فَأول مَا يبْدَأ بِهِ من ذَلِك تَسْمِيَة السُّور الَّتِي لم يدخلهَا نَاسخ وَلَا مَنْسُوخ وَهِي ثَلَاث وَأَرْبَعُونَ سُورَة وَالله أعلم أَولهَا أم الْكتاب ثمَّ سُورَة يُوسُف ثمَّ يس ثمَّ الحجرات ثمَّ سُورَة الرَّحْمَن ثمَّ سُورَة الْحَدِيد ثمَّ الصَّفّ ثمَّ الْجُمُعَة ثمَّ التَّحْرِيم ثمَّ الْملك ثمَّ الحاقة ثمَّ نوح ثمَّ الْجِنّ ثمَّ المرسلات ثمَّ النبأ ثمَّ النازعات ثمَّ الانفطار ثمَّ المطففين ثمَّ الانشقاق ثمَّ البروج ثمَّ الْفجْر ثمَّ الْبَلَد ثمَّ الشَّمْس وَضُحَاهَا ثمَّ وَاللَّيْل ثمَّ وَالضُّحَى ثمَّ ألم نشرح ثمَّ الْقَلَم ثمَّ الْقدر ثمَّ الانفكاك ثمَّ الزلزلة ثمَّ العاديات ثمَّ القارعة ثمَّ التكاثر ثمَّ الْهمزَة ثمَّ الْفِيل ثمَّ قُرَيْش ثمَّ أَرَأَيْت الَّذِي ثمَّ الْكَوْثَر ثمَّ النَّصْر ثمَّ تبت ثمَّ الْإِخْلَاص ثمَّ الفلق ثمَّ النَّاس. فَهَذِهِ ثَلَاثَة وَأَرْبَعُونَ سُورَة لم يدخلهَا نَاسخ وَلَا مَنْسُوخ مِنْهَا سور لَيْسَ فِيهَا أَمر وَلَا نهي وَمِنْهَا سور فِيهَا نهي وَلَيْسَ فِيهَا أَمر وَمِنْهَا سور فِيهَا أَمر وَلَيْسَ فِيهَا نهي وسنذكرها إِن شَاءَ الله فِي موَاضعهَا. .بَاب تَسْمِيَة السُّور الَّتِي دَخلهَا النَّاسِخ وَلم يدخلهَا الْمَنْسُوخ: .بَاب تَسْمِيَة السُّور الَّتِي دَخلهَا الْمَنْسُوخ وَلم يدخلهَا النَّاسِخ: .بَاب تَسْمِيَة السُّور الَّتِي دَخلهَا النَّاسِخ والمنسوخ: .بَاب فِي اخْتِلَاف الْمُفَسّرين على أَي شَيْء وَقع الْمَنْسُوخ من كَلَام الْعَرَب: وَاحْتَجُّوا على ذَلِك بأَشْيَاء مِنْهَا قَوْلهم إِن خبر الله على مَا هُوَ بِهِ وَقَالَ الضَّحَّاك بن مُزَاحم كَمَا قَالَ الْأَولونَ وَزَاد عَلَيْهِم فَقَالَ يدْخل النّسخ على الْأَمر وَالنَّهْي وعَلى الْأَخْبَار الَّتِي مَعْنَاهَا الْأَمر وَالنَّهْي مثل قَوْله تَعَالَى {الزَّانِي لَا يَنكِحُ إِلّا زانِيَةً أَو مَشرِكَةً والزانية لَا ينْكِحهَا إِلَّا زَان أَو مُشْرك} وَمعنى ذَلِك لَا تنحكوا زَانِيَة وَلَا مُشركَة. وعَلى الْأَخْبَار الَّتِي مَعْنَاهَا الْأَمر مثل قَوْله تَعَالَى فِي سُورَة يُوسُف {قالَ تَزرَعونَ سَبعَ سِنِين دأبا فَمَا حصدتم فذروه فِي سنبله} وَمعنى ذَلِك إزرعوا سبع سِنِين دأبا. وَمثل قَوْله تَعَالَى {فلولا أَن كُنتُم غَيرَ مَدينينَ تَرجِعونَها إِن كُنتُم صَادِقين} وَمعنى ذَلِك ارجعوها يَعْنِي الرّوح. وَمثل قَوْله تَعَالَى {وَلَكِن رَسُول الله} وَمعنى ذَلِك أَي وَلَكِن قُولُوا لَهُ يَا رَسُول الله فَإِذا كَانَ هَذَا معنى الْخَبَر كَانَ كالأمر وَالنَّهْي. وَقَالَ عبد الرَّحْمَن بن زيد بن أسلم وَالسُّديّ قد يدْخل النّسخ على الْأَمر وَالنَّهْي وعَلى جَمِيع الْأَخْبَار وَلم يفصلا وتابعهما على هَذَا القَوْل جمَاعَة وَلَا حجَّة لَهُم فِي ذَلِك من الدِّرَايَة وَإِنَّمَا يعتمدون على الرِّوَايَة. وَقَالَ آخَرُونَ كل جمله اسْتثْنى الله تَعَالَى مِنْهَا ب إِلَّا فَإِن الاستثناء نَاسخ لَهَا. وَقَالَ آخَرُونَ لَا يعد خلافهم خلافًا لَيْسَ فِي الْقُرْآن نَاسخ وَلَا مَنْسُوخ وَهَؤُلَاء قوم عَن الْحق صدوا وبإفكهم على الله ردوا .بَاب مَا رد الله على الْمُلْحِدِينَ وَالْمُنَافِقِينَ من أجل معارضتهم فِي تنقل أَحْكَام كِتَابه الْمُبين: قَالَ الشَّيْخ أبو الْقَاسِم هبة الله: وَهَذِه الآية يحْتَاج مفسرها إلى أَن يقدرها قبل تَفْسِيره لَهَا لِأَن فِيهَا مقدما ومؤخرا تَقْدِيره وَالله أعلم مَا نرفع من حكم آيَة نأت بِخَير مِنْهَا أَو ننسها أَي نتركها فَلَا ننسخها. وَقد اعترض فِي هَذَا التَّأْوِيل فَقيل فِي الْقُرْآن مَا بعضه خير من بعض أَلَيْسَ بِكَلَام وَاحِد جلّ قَائِله. فَالْجَوَاب أَن معنى {خير مِنْهَا} أَي أَنْفَع مِنْهَا لِأَن النَّاسِخ لَا يَخْلُو من أحدى النعمتين إِمَّا أَن يكون أثقل فِي الحكم فَيكون أوفر فِي الْأجر وَإِمَّا أَن يكون أخف فِي الحكم فَيكون أيسر فِي الْعَمَل وَمن قَرَأَهَا {ننسأها} أَي نؤخر حكمهَا فَيعْمل بهَا حينا ثمَّ قَالَ تَعَالَى {أَلَم تَعلَم أَنَّ الله على كل شَيْء قدير}. من أر النَّاسِخ والمنسوخ وَمثل قَوْله هَذَا قَوْله {وَإِذا بَدَّلنا آيَة مَكانَ آيةٍ وَاللَهُ أَعلَمُ بِما يُنَزِّلُ} وَالْمعْنَى حكم آيَة {قَالُوا إَنَّما أَنْت مفتر} أَي اختلقته من تِلْقَاء نَفسك فَقَالَ تَعَالَى ردا عَلَيْهِم {بل أَكْثَرهم لَا يعلمُونَ} لِأَن فِي إِثْبَات النَّاسِخ والمنسوخ فِي الْقُرْآن دلَالَة على الوحدانية وَالله تَعَالَى يَقُول {أَلا لَهُ الخَلقُ وَالأَمرُ}. وَقد رُوِيَ عَن عبد الله بن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَنه صعد إلى الْمَرْوَة فَقَرَأَ {أَلا لَهُ الخَلقُ وَالأَمر} وَقَالَ يَا آل غَالب من ادّعى ثَالِثَة فَليقمْ الْخلق جَمِيع مَا خلق وَالْأَمر جَمِيع مَا قضي وَلَيْسَ فِي كتاب الله تَعَالَى كلمتان تجمعان الْملك كُله غَيرهمَا .بَاب ذكر مَا جَاءَ من النّسخ فِي الشَّرِيعَة على التوالي: قَالَ الشَّيْخ هبة الله ونزول الْمَنْسُوخ بِمَكَّة كثير ونزول النَّاسِخ بِالْمَدِينَةِ كثير. .بَاب النَّاسِخ والمنسوخ على نظم الْقُرْآن: .سورة الْبَقَرَة: .أَولهَا قَوْله تَعَالَى {وَمِمّا رَزَقناهُم يُنفِقون}: .الآية الثَّانِيَة قَوْله تَعَالَى {إِن الَّذين آمنُوا وَالَّذين هادوا}: .الآية الثَّالِثَة قَوْله تَعَالَى {وَقَولوا لِلَّناسِ حُسناً}: وَقَالَ جمَاعَة هِيَ مَنْسُوخَة وناسخها عِنْدهم قَوْله تَعَالَى {فَاقْتُلُوا المُشرِكينَ حَيثُ وَجَدتُموهُم} الآية. .الآية الرَّابِعَة قَوْله تَعَالَى {فَاِعفوا وَاِصفَحوا}: .الآية الْخَامِسَة قَوْله تَعَالَى {وَلِلَّهِ المَشرِقُ وَالمَغرِبُ}: وَقَالَ قَتَادَة وَالضَّحَّاك وَجَمَاعَة لما قدم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْمَدِينَة صلى نَحْو بَيت الْمُقَدّس سَبْعَة عشر شهرا ثمَّ حول إلى الْكَعْبَة وَهَذَا قَول الْأَكْثَرين من أهل التَّارِيخ مِنْهُم معقل بن يسَار والبراء بن عَازِب وَقَالَ قَتَادَة ثَمَانِيَة عشر شهرا وفيهَا رِوَايَة أُخْرَى عَن ابراهيم الْحَرْبِيّ قَالَ فِيهَا ثَلَاثَة عشر شهرا وَقَالَ آخَرُونَ قَالَت الْيَهُود بعد تَحْويل الْقبْلَة لَا يَخْلُو مُحَمَّد من أَمريْن إِمَّا أَن يكون كَانَ على حق فقد رَجَعَ عَنهُ وَإِمَّا أَن يكون على بَاطِل فَمَا كَانَ يَنْبَغِي لَهُ أَن يُقيم عَلَيْهِ فَأنْزل الله تَعَالَى {وَلِلّهِ المَشرِقُ وَالمَغرِب} الآية ثمَّ نسخت بقوله {وَحَيْثُ مَا كُنْتُم فَوَلوا وُجُوهكُم شطره}. وَاخْتلف أهل الْعلم فِي أَي صَلَاة وَفِي أَي وَقت فَقَالَ الْأَكْثَرُونَ حولت القبله فِي يَوْم الْإِثْنَيْنِ النّصْف من رَجَب على رَأس سَبْعَة عشر شهرا من مُقَدّمَة الْمَدِينَة فِي وَقت الظّهْر وَقَالَ قَتَادَة حولت يَوْم الثُّلَاثَاء النّصْف من شعْبَان على رأس ثَمَانِيَة عشر شهرا من مُقَدّمَة الْمَدِينَة وَكَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا قَامَ إِلَى الصَّلَاة يحول وَجهه ويرنو نَحْو السَّمَاء بطرفه وَيَقُول «يَا جِبْرِيل إِلَى مَتى أُصَلِّي إلى قبْلَة الْيَهُود فَقَالَ جِبْرِيل إِنَّمَا أَنا عبد مَأْمُور فسل رَبك قَالَ فَبَيْنَمَا هُوَ على ذَلِك إِذْ نزل عَلَيْهِ جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام فَقَالَ اقْرَأ يَا مُحَمَّد {قد نرى تقلب ذَلِك وَجهِكَ فِي السَماءِ}» تنْتَظر الْأَمر فَحذف هَذَا من الْكَلَام لعلم السَّامع بِهِ وَنزل {فَوَلِّ وَجهَكَ شَطرَ المِسجِدِ الحَرامِ} أَي نَحوه وتلقاءه والشطر فِي كَلَام الْعَرَب النّصْف وَهَذِه هَهُنَا لُغَة الْأَنْصَار فَصَارَت ناسخة لقَوْله {فَأَينَما تُوَلّوا فَثَمَّ وَجهُ اللَه}. وَفِي رِوَايَة أُخْرَى رَوَاهُ ابراهيم الحرابي قَالَ حولت الْقبْلَة فِي جمادي الْآخِرَة. .الآية السَّادِسَة قَوْله تَعَالَى {وَلنَا أَعمالُنا وَلَكُم أَعمالَكُم}: .الآية السَّابِعَة قَوْله تَعَالَى {إِنَّ الصَفا وَالمَروَةَ مِن شَعائِرِ اللَه}: .الآية الثَّامِنَة قَوْله تَعَالَى {إِنَّ الَّذينَ يَكتُمونَ مَا أَنزَلنا مِنَ البَيِّناتِ وَالهُدى} إِلَى: قَوْله {ويلعنهم اللاعنون} .الآية التَّاسِعَة قَوْله تَعَالَى {إِنَّما حرم عَلَيْكُم الْميتَة وَالدَّم} الآية: .الآية الْعَاشِرَة قَوْله تَعَالَى {يَا أَيُّها الَّذينَ آمَنوا كُتِبَ عَلَيكُم القِصاصُ فِي الْقَتْلَى الْحر بِالْحرِّ} الآية: وَقَالَ الحجازيون وَجَمَاعَة إِن ناسخها الآية الَّتِي فِي بني إِسْرَائِيل وَهِي قَوْله تَعَالَى {وَمَن قُتِلَ مَظلوماً فَقَد جَعَلنا لوَلِيِّه سُلْطَانا فَلَا يسرف فِي الْقَتْل} وَقتل الْمُسلم بالكافر إِسْرَاف وَكَذَلِكَ قتل الْحر بِالْعَبدِ لَا يجوز عِنْد جمَاعَة من النَّاس. وَقَالَ الْعِرَاقِيُّونَ يجوز وَاحْتَجُّوا بِحَدِيث ابْن الْبَيْلَمَانِي «أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قتل مُسلما بِكَافِر معاهد وَقَالَ أَنا أَحَق من وَفِي بعهده». .الآية الْحَادِيَة عشرَة قَوْله تَعَالَى {كُتِبَ عَلَيكُم إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ المَوتُ إِن تَرَكَ خَيراً الوَصِيَّةُ لِلوالِدَينِ وَالأَقرَبينَ بِالمَعروفِ حَقّاً عَلى المُتَّقينَ}: وَقد ذهب ظائفة إِلَى أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ «من لم يُوصي لِقَرَابَتِهِ فقد ختم عمله بِمَعْصِيَة». وَقَالَ جمَاعَة الآية كلهَا محكمَة ذهب إلى ذَلِك الْحسن الْبَصْرِيّ وطاووس وَقَتَادَة والْعَلَاء بن زيد وَمُسلم بن يسَار. .الآية الثَّانِيَة عشرَة قَوْله تَعَالَى {يَا أَيُّها الَّذينَ آمَنوا كتب عَلَيْكُم الصّيام كَمَا كتب على الَّذين من قبلكُمْ}: .الآية الثَّالِثَة عشرَة قَوْله تَعَالَى {وَعَلى الَّذينَ يُطيقونَهُ فِديَةٌ طَعامُ مِسكينٍ}: .الآية الرَّابِعَة عشرَة قَوْله تَعَالَى {وَقاتِلوا فِي سَبيلِ اللَهِ الَّذينَ يقاتلونكم وَلا تَعتَدوا}: .الآية الْخَامِسَة عشرَة قَوْله تَعَالَى {وَلا تُقاتِلوهُم عِندَ المَسجِدِ الحَرامِ حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ}: .الآية السَّادِسَة عشرَة قَوْله تَعَالَى {فَإِنِ اِنتَهوا فَإِنَّ اللَهَ غَفورٌ رَحِيم}: .الآية السَّابِعَة عشرَة قَوْله تَعَالَى {وَلا تَحلِقوا رُؤوسَكُم حَتّى يَبلُغَ الهَديُ مَحَلَّهُ}: .الآية الثَّامِنَة عشرَة قَوْله تَعَالَى {يَسأَلونَكَ مَاذَا يُنفِقونُ قُل مَا أنفقتم من خير فللوالدين والأقربين واليتامى وَالْمَسَاكِين وَابْن السَّبِيل} الآية: .الآية التَّاسِعَة عشرَة قَوْله تَعَالَى {يَسأَلونَكَ عَنِ الشَهرِ الحَرامِ قِتالٍ فِيهِ}: .الآية الْعشْرُونَ قَوْله تَعَالَى {يَسْأَلُونَك عَن الْخمر وَالْميسر}: فَقَالَ لَهُ حَمْزَة أُولَئِكَ الْمُهَاجِرُونَ فَقَالَ لَهُ الْأنْصَارِيّ بل نَحن الْأَنْصَار فتنازعا فَجرد حمزه سَيْفه وَعدا على الْأَنْصَار فَلم يُمكن الْأنْصَارِيّ أَن يقوم لَهُ فَترك نَاضِحَهُ وهرب فظفر حَمْزَة بالناضح وَجعل يقطعهُ فجَاء الْأنْصَارِيّ إلى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مستعديا فَأخْبرهُ بِخَبَر حمزه وفعاله بالناضح فغرم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَهُ ناضحا فَقَالَ عمر بن الْخطاب يَا رَسُول الله أما ترى إلى مَا نلقي من أَمر الْخمر إِنَّهَا مذهبَة لِلْعَقْلِ متلفة لِلْمَالِ فَأنْزل الله تَعَالَى بالمدينه {يَسْأَلُونَك عَن الْخمر وَالْميسر قل فيهمَا إِثْم كَبِير}. وَقد قرئ {كثير} والمعنيان متقاربان {وَمَنَافع للنَّاس} وعَلى هَذَا مُعَارضَة لقَائِل يَقُول أَيْن الْمَنْفَعَة مِنْهَا وَقد قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم «إَن الله تَعَالَى لم يَجْعَل شِفَاء أمتِي فِيمَا حرم عَلَيْهَا» فَالْجَوَاب على ذَلِك أَنهم كَانُوا يبتاعونها فِي الشَّام بِالثّمن الْيَسِير ويبيعونها فِي الْحجاز بِالثّمن الثمين وَكَانَت الْمَنَافِع فِيهَا من الأرباح وَكَذَلِكَ قَالَ الله تَعَالَى {قُل فيهِما إِثمٌ كَبيرٌ} فَانْتهى عَن شربهَا قوم وَبَقِي آخَرُونَ حَتَّى دَعَا مُحَمَّد ابْن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف الزُّهْرِيّ قوما فأطعمهم وسقاهم حَتَّى سَكِرُوا فَلَمَّا حضر وَقت الصَّلَاة صلوا الْمغرب فقدموا رجلا مِنْهُم يُصَلِّي بهم وَكَانَ أَكْثَرهم قُرْآنًا يُقَال لَهُ ابْن أبي جعونه حَلِيف الْأَنْصَار فَقَرَأَ فَاتِحَة الْكتاب وَقل يَا أَيُّها الكافِرون فَمن أجل سكره خلط فَقَالَ فِي مَوضِع {لَا أعبد} أعبد وَفِي مَوضِع {أعبد} لَا أعبد فَبلغ ذَلِك رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فشق عَلَيْهِ فَأنْزل الله تَعَالَى {يَا أَيُّها الَّذينَ آمَنوا لَا تَقرَبوا الصَلاةَ وَأَنتُم سُكارى حَتَّى تعلمُوا مَا تَقولُونَ} الآية فَكَانَ الرجل مِنْهُم يشرب الْخمر بعد الْعشَاء الْأَخِيرَة ثمَّ يرقد وَيقوم عِنْد صَلَاة الْفجْر وَقد صَحا ثمَّ كَانَ يشْربهَا إِن شَاءَ بعد صَلَاة الْفجْر فيصحوا مِنْهَا عِنْد صَلَاة الظّهْر فَإِذا كَانَ وَقت الظّهْر لم يشْربهَا الْبَتَّةَ حَتَّى يُصَلِّي الْعشَاء الْأَخِيرَة حَتَّى دَعَا سعد بن أبي وَقاص الزُّهْرِيّ وَقد عمل وَلِيمَة على رَأس جزور فَدَعَا أُنَاسًا من الْمُهَاجِرين وَالْأَنْصَار فَأَكَلُوا وَشَرِبُوا وَسَكِرُوا وافتخروا فَعمد رجل وَالْأَنْصَار فَأخذ أحد لحيي الْجَزُور فَضرب بِهِ أنف سعد ففزره وَجَاء سعد مستعديا إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأنْزل الله تَعَالَى {يَا أَيُّها الَّذين آمنُوا إِنَّمَا الْخمر وَالْميسر والأنصاب والأزلام رِجْس من عمل الشَّيْطَان فَاجْتَنبُوهُ أَي فاتركوه لَعَلَّكُمْ تفلحون} وَهَذِه الآية تدل على تَحْرِيم الْخمر فِي الْقُرْآن لِأَن الله تَعَالَى ذكره مَعَ الْمُحرمَات وَاخْتلف الْمُفَسِّرُونَ فِي مَوضِع التَّحْرِيم أهوَ هَهُنَا أم غَيره فَقَالَ الْأَكْثَرُونَ هَهُنَا وَقَالَ آخَرُونَ التَّحْرِيم عِنْد قَوْله تَعَالَى {فَهَل أَنْتُم مُنْتَهُونَ} فَقَالُوا انتهينا يَا رَسُول الله وَالْمعْنَى انْتَهوا كَمَا قَالَ فِي الْفرْقَان {أَتَصْبِرُونَ} وَالْمعْنَى اتَّقوا اصْبِرُوا وَفِي الشُّعَرَاء {قوم فِرْعَوْن أَلا يَتَّقُونَ} وَالْمعْنَى اتَّقوا وأكد تحريها بقوله تَعَالَى {قُل إِنَّما حَرَّمَ رَبّي الفَواحِشَ مَا ظَهَرَ مِنها وَما بَطَن وَالإِثمَ وَالبَغيَ بِغَيرِ الحَقٍّ} وَالْإِثْم الْخمر قَالَ الشَّاعِر: وَقَالَ آخر: ويروي: والمتك الأترج فَهَذَا تَحْرِيم الْخمر وانتقاله فِي مواطنه. |